أمريكا على مفترق طرق- انتخابات رئاسية محفوفة بالمخاطر والمفاجآت.

المؤلف: حمود أبو طالب11.10.2025
أمريكا على مفترق طرق- انتخابات رئاسية محفوفة بالمخاطر والمفاجآت.

غداً يوم الفصل في الانتخابات الأمريكية الحاسمة، وفي هذه اللحظة الراهنة، لا تتوفر دلائل قاطعة ترجح كفة مرشح على آخر بصورة واضحة، إلا أنه في نهاية المطاف، ستظهر النتائج وتعلن هوية الفائز، إلا في ظروف استثنائية نادرة، حيث يتوفر في الدستور والنظام الانتخابي آليات للتعامل مع مثل هذه الحالات. لكن التحدي الجوهري في هذه الانتخابات يكمن في خلفيات المرشحين وطرق وصولهم إلى هذا المقام، إضافة إلى الأحداث التي عصفت بالحملات الانتخابية منذ بدايتها، مما يجعل هذه الانتخابات حبلى بالمفاجآت، وربما المخاطر، في حال نشوب خلافات حول النتيجة والطعن في نزاهتها وشفافيتها.

المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، دفعتها الظروف المأساوية، المتمثلة في انسحاب أو تنحي الرئيس جو بايدن عن الترشح لولاية جديدة، وسيقوم الحزب الديمقراطي بتسخير كل ثقله وموارده واستراتيجياته لدعمها، وذلك لأسباب عديدة، من بينها التوق إلى تسجيل إنجاز تاريخي بتولي امرأة لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة، حتى لو كانت ذات أصول أجنبية. وعلى الجانب الآخر، يبرز دونالد ترامب، رجل الأعمال الذي سبق له أن شغل منصب الرئيس لولاية كاملة، والذي خاض حتى الآن منافسة شرسة، تعرض خلالها لمحاولة اغتيال زادت من حدة إصراره على الفوز، ومن المحتمل أنه لن يتقبل الهزيمة بسهولة إذا ما خسر هذه الانتخابات.

وفي السياق ذاته، نجد الناخب الأمريكي، الذي يمثل المجتمع الأمريكي الذي لم يعد متفقاً على قضايا أساسية بغض النظر عن الانتماءات الحزبية، الأمر الذي أدى إلى تباين كبير في البرامج الانتخابية للمرشحين الرئاسيين، وكأن كل مرشح يخاطب احتياجات شريحة مختلفة من الشعب. إن التحولات العميقة والهائلة التي شهدها المجتمع الأمريكي لأسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية وديموغرافية تجعل مهمة إدارته أمراً بالغ الصعوبة، خاصة في ظل الأجندات الخاصة بكل من الحزبين اللذين يختلفان جذرياً في رؤاهما وإدارتهما للشؤون الداخلية.

يجب ألا نغفل الأهمية البالغة للانتخابات التشريعية لمجلس النواب، والدور المحوري الذي يلعبه الكونغرس بمجلسيه في تسيير شؤون البلاد وضبط إيقاعها من خلال صلاحياته الدستورية الواسعة، بالإضافة إلى دور بعض المؤسسات المؤثرة الأخرى، لكن يبقى للرئيس الأمريكي دوره الرئيسي وصلاحياته القوية وقراراته المصيرية بموجب الدستور وطبيعة النظام الرئاسي الأمريكي، لذلك يظل شاغل البيت الأبيض هو صانع القرار الأهم في أمريكا، خاصة إذا حالفه الحظ بأغلبية حزبية في الكونغرس، وبالتالي، من الضروري لأمريكا والعالم أن يكون هذا الشخص على قدر عالٍ من المسؤولية والاتزان والحكمة.

قد ينقضي يوم الغد والأيام التي تليه بسلام إلى حين دخول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض، ولكن قد يحدث عكس ذلك، نظراً لأن التوتر بلغ ذروته والمنافسة على أشدها، والمواجهة بين الطرفين والتشكيك المتبادل وصلت إلى مستويات غير مقبولة، وهناك مخاوف من حدوث مفاجآت غير محمودة. إنها أمريكا، التي لا يمكن التنبؤ بأفعالها أو بما قد يحدث فيها من تطورات.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة